"رجعت روزا مكانها، ورجع الحاكم للطاولة ورجعت ليزا لتحديد التطريز بأصبعها. كانت تحس بالشك والخوف. كانت تحس أن الحاكم خائف مثلها و أكثر منها. كانت تعرف ما يهدده. هو اعترف لها أن اليهود لا يحبونه واشتكوا منه. هو اعترف لها أنه منحاز لجانبها لكن العرب، كما قال بأسف، مثل واصف، غير جديين، يحبون الرقص والغناء والطبل والرمز وشكشوكة. اعترف لها أنه لا يحب اليهود. لكن أمين سألها سؤالاً بقي يدور في رأسها عدة أيام: ويحب العرب؟ يحبها هي، ربما، بل أكيد. في وضعه هذا بحاجة للحب. كما أنها هي بحاجة للحب، مثل كل الناس، في هذا الوضع، شيء طبيعي، بحاجة للحب. لو كان أصغر بعشرين سنة، ثلاثين سنة، أو هي أكبر، لو أن الدنيا تكرمها. لو تجد الحب. قال الحاكم: الحياة في جامايكا كانت حلوة، الناس في جامايكا زي المكسيك. رقص وأغان وموسيقى وحب في الطرقات. لا هم ولا غم ولا عنف ولا حرب. ناس مسالمون، مش زي ناسكم. حدجته بابتسامة طيرت عقله: ناسنا نحن؟ مالهم ناسنا؟ لم يجبها، بل هز رأسه وكأنه يقول: آه يا خسارة! أو كأنه يقول: أموت بربك! أو كأنه يقول: خذي عقلي وروحي وأعطيني. لكنه كان يعرف، أو كان يشك، ألا عطاء وألا أمل، لكن لا بأس، فهو يحاول. اقترب أمين من الطاولة ومد يده نحو الإبريق وحدج ليزا بنظرة عتاب وغيظ مكبوت. قال مهدداً حتى يمنعها من الإنسجام: يمكن الزيبق عرف عنا. سألت بدهشة واستهجان وكأنها تزجر شكه: عرف عنا؟! لوى شفتيه: يعني عن الفيلم والزيارة... وتوقف عند كلمة "الزيارة" ليذكرها بمخاوفها من زيارة الحاكم وما سيقول خوري الأورثوذكس والطائفة ولعن الزعماء، فظلت صامتة تحدق فيه بغيط مكتوم. فمن هذا الولد ليهددها أو يزجرها ويذكرها؟ من هو؟ من يظن نفسه بالنسبة لها؟ أبوهأ؟ أخوها؟ ولي أمرها؟ هو ولد مراهق لا أكثر. ناداة واصف: تعال يا أمين، تعال خذلك كأس..." في هذا العمل الفني الإنساني الشاسع، ترسم ريشة سحر خليفة لوحة بانورامية لمجتمع يحاول صياغة هويته الثقافية الأخلاقية القومية للخروج من خواء سياسي فادح، من خلال سيرة عائلة فلسطينية عريقة تقف عند مفترق طرق.
Özellikler
Boyut14x21
Kapak TipiSert Kapak
Sayfa Sayısı456
KağıtKitap Kağıdı
Yayın Tarihi2014
DilArapça

+ Yorum Yaz

Yazara Ait Diğer Kitaplar

Tümü

Kategoriye Ait Diğer Kitaplar

Tümü
Abone ol E-BÜLTENİMİZE KAYIT OLUN Şimdi kayıt ol kampanyaları kaçırma